تأثير العقل الباطن على حياتنا

العقل الباطن والعقل الواعي

قوة تأثير العقل اللاواعي
العقل الباطن

قد تنظر إلى واقعك الآن وما فيه من أحداث على أنه حتمي، وغير قابل للتغيير، أو من الصعب تغييره، ولكن الأمر ليس كذلك، فبمجرد تغير طريقة تفكيرك ونظرتك لتلك الأحداث وتغيير معتقداتك تجاهها فإن عقلك الباطن سوف يستوعب ذلك التغيير ويبدأ في تحفيزك على تنفيذه. 

حديثك الداخلي مع نفسك، كلماتك، أفكارك، تجاربك، والاقتراحات التي تقدمها لنفسك هي من تشكل معتقداتك ونظامك الداخلي الذي يتحكم في سلوكياتك وردود أفعالك.

بعبارة أخرى، فإن حياتك هي تجسيد لمعتقداتك الموجودة في عقلك الباطن التي تشكل نظامك الداخلي، فتغير معتقد واحد من هذا النظام كفيل بأن يغير حياتك.

في هذا المقال سنتحدث عن قوة تأثير العقل الباطن على حياتنا ، وعن الكيفية التي يمكنك من خلالها التحكم بعقلك الباطن والسيطرة عليه

قوة تأثير العقل الباطن

يتكون عقل الإنسان من جزأين هما العقل الواعي، والعقل الباطن اللاواعي.

العقل الواعي هو الجزء المسئول عن التفكير المنطقي الذي يمكنك من اختيار الأشياء والتعامل معها، فهو يعمل في حالة من اليقظة، بمعنى أنه يشعر باللحظة التي يتعامل بها مع المحيط الخارجي، ويستطيع التفريق بين الحقيقة والخيال، لديه تركيز محدود حيث يستوعب معلومات قليلة العدد ولكنها ذات أهمية للشخص، عندما يتعامل العقل الواعي مع المحيط الخارجي فهو:

  • موضوعي، حيث يتعامل مع الكلمات والأرقام المرتبة ويتفاعل معها. 
  • تحليلي، حيث يقوم بتحليل المعطيات التي يدركها من كل الاتجاهات. 
  • منطقي، حيث يقوم بتفسير الأشياء على أساس منطقي. 

العقل الباطن هو الجزء المسؤول عن تخزين وأرشفة كل ما يمر به الشخص من مواقف ومشاعر وتجارب؛ حيث يتم من خلال تلك الأرشفة بناء المعتقدات والقناعات الذهنية واكتساب العادات والسلوكيات التي نقوم بها بشكل تلقائي دون تفكير، كما يقوم أيضًا بتوجيه الأجهزة والأعضاء اللاإرادية في جسم الإنسان، حيث يعمل بطريقة لا إرادية وبشكل دائم في حالة اليقظة والنوم، وظائفه مستقلة ودوره لا يتوقف أبدًا.

يتصف العقل الباطن بأنه:

  • خيالي، حيث يتعامل مع الصور والألوان والأصوات والألحان والأحاسيس. 
  • تركيبي، فهو يتعامل مع الأشياء بشكل تركيبي. 
  • عشوائي، حيث يتعامل مع الأشياء دون تمييز النافع من الضار. ولا يستطيع التفريق بين الحقيقة والخيال. 

العقل الباطن يعمل حسب ما تم برمجته به مسبقًا، فهو بمثابة الخادم المنفذ الذي يقوم بتحقيق كل ما أقره العقل الواعي حيث يقوم بإنشاء معتقدات أساسية مبنية على الذكريات والتجارب السابقة التي حدثت في الماضي ويتشكل من خلال تلك المعتقدات النظام الداخلي للشخص الذي هو عبارة عن أوامر نفسية للجهاز العصبي تؤثر بشكل مباشر على سلوكيات الشخص وردود أفعاله. 

هذه المعتقدات الأساسية المقيدة تحدد كل ما تعتقد أنه ممكن. إنها مثل إطار أو عدسة ترى العالم من خلالها؛ وهذا ما يجعل الشخص يعيش في عالم قائم على الإدراك وليس على الحقائق.

نحن نختبر المعتقدات الأساسية التي تشكل حياتنا باعتبارها نقاط القوة والتحديات والكتل. عندما لا تكون على دراية بمعتقداتك الأساسية، فإنك بذلك تسمح لعقلك الباطن بتوجيهك وإدارة حياتك نيابة عنك. لذا فإن من المهم جدًا اكتشاف معتقداتك الخاطئة والمعيقة والتخلص منها. 

كيفية السيطرة على العقل الباطن

5% من واقعنا يحدث تحت تأثير العقل الواعي والذي يفكر بألفين خلية، بينما يفكر العقل الباطن بأربعة ملايين خلية ويؤثر على 95% من حياتنا، فكل ما تفعله أو تقوله أو تفكر فيه أو تؤمن به يكون تحت تأثير العقل الباطن الذي يعمل بناءً على أوامر تم برمجته بها مُسبقًا.

الخبر السار هنا هو أنه ما زال بإمكانك إعادة تلك البرمجة إن شئت أن يعمل عقلك الباطن لخدمة ما تريد تحقيقه في حياتك من أهداف ونتائج؛ وذلك من خلال اكتشاف معتقداتك الخاطئة والتخلص منها، وإعادة برمجة عقلك الباطن من جديد بوعي ومعرفة وإدراك.

فيما يلي خمس طرق للسيطرة على العقل الباطن والتأثير عليه وإعادة برمجته وهي:

1- أحط نفسك بالإيجابية

الطريقة الأسهل هي التحكم في بيئتك. ما أنواع الأشخاص الذين تخالطهم وتحيط نفسك بهم، ما نوع الموسيقى التي تستمع إليها أو الصور التي تحيط نفسك بها؟ ما هي المشاعر التي تريدها؟ إذا كنت تتطلع إلى خلق الإيجابية في حياتك، فمن المهم جدًا أن تقضي وقتك مع أشخاص متفائلين إيجابيين ناجحين. لأن كل شخص يتأثر ويأخذ عادات ومعتقدات من حوله.

2- قم بممارسة الخيال والتصور

إذا كنت تعتقد أنك تستطيع تحقيق شيئًا ما في حياتك، فإنك تستطيع فعلًا، والعكس صحيح. غالبًا ما نقع في فخ تخيل مستقبل لا نريده. لذا فإن من المهم جداً تخيل النجاح. 

تخيل نفسك في الحالة المستقبلية التي تريد أن تكون عليها. تخيل النتيجة النهائية التي تريد تحقيقها بأدق التفاصيل، تخيل وكأنك في قلب الأحداث وليس خارجها.

قم بممارسة التخيل عندما تكون في حالة من الاسترخاء والهدوء التام مرة واحدة يوميًا أو مرتين على الأكثر لبضع دقائق، أو بعد الاستيقاظ من النوم مباشرة، أو بعد ممارسة التأمل؛ لأن العقل الباطن حينها يكون مهيئًا تمامًا لإعادة البرمجة. 

مارس الامتنان، كن ممتنًا دائمًا فالمشاعر هي التي ستشحن رؤياك بالطاقة الداخلية وتمكنك من تحقيق ما تريد.

املأ نفسك بالامتنان والفرح لما أنجزته، اشعر بالسلام والهدوء الذي كنت تبحث عنه، استمتع بالشغف الذي صنعته، اقض ما لا يقل عن 5-10 دقائق يوميًا في تخيل ما تريد تحقيقه، حاول تجسيد التجربة وجعلها حقيقية. فالعقل الباطن لا يعرف الفرق بين التجربة الحقيقية والتجربة المتخيلة، عندما تتخيل ما تريد تحقيقه، فإنك بذلك تنشئ مسارات واتصالات عصبية جديدة في عقلك الباطن تولد لديك الدافع النفسي لبذل المزيد من الجهد في سبيل تحقيق ما تتخيله.

3- استخدم قوة اليقين والتأكيدات الإيجابية وتصرف "كما لو" أن أهدافك قد تحققت

توقف عن التفكير السلبي والندم أو تأنيب نفسك بشأن ما حدث في الماضي، اجعل حديثك مع نفسك إيجابي واستخدم التأكيدات الإيجابية بصيغة المضارع. بدلًا من "سأكون مرتاحًا وهادئًا"، استخدم عبارة "أنا مرتاح وهادئ".

يجب أن تكون التأكيدات إيجابية؛ لأن العقل الباطن لا يفهم المصطلحات السلبية والمنفية أيضًا.

من المهم أيضًا إضافة العاطفة إلى التوكيدات والتصرف كما لو أن أهدافك قد تحققت. يجب أن يكون لديك ميل طبيعي للتصرف وفقًا لمشاعرك بدلًا من انتظار الشعور بالاختلاف بعد إجراء التغيير.

يجب أن تتصرف وفقًا للشخصية التي تريد أن تكون عليها مستقبلًا. اتخذ الإجراء أولًا وسوف تتغير طريقة تفكيرك والطريقة التي تشعر بها.

لا تتوقع أن تتغير مشاعرك بطريقة سحرية، بادر بالتحرك وحاول أن تحقق ذلك. 

4- استخدام طريقة الاختراق البيولوجي Biohacking مع النبضات بكلتا الأذنين

الاختراق البيولوجي واحدة من الطرق القوية لإعادة برمجة العقل الباطن من خلال استخدام قوة الموسيقى. إذ تستجيب موجات الدماغ بشكل مختلف لـ أنواع مختلفة من الموسيقى حيث يمكننا من خلالها إحداث مشاعر معينة بالإيقاعات الصحيحة.

النبضات بكلتا الأذنين عبارة عن موجات صوتية تم إنشاؤها لمحاكاة ترددات الدماغ هذه وإحضار عقلك إلى الحالة المرغوبة.

هذه الطريقة هي بداية قوية لرفع وعيك إلى مستوى جديد من الإدراك ويمكن أن تكون فعالة جدًا في إحداث تغييرات كبيرة في حياتك عندما تختلط ببعض التقنيات الأخرى، كيف يحدث ذلك؟ 

تتواصل الخلايا العصبية داخل أدمغتنا في جذور أفكارنا وعواطفنا وسلوكياتنا باستخدام الموجات الدماغية. يتم إنشاء هذه الموجات الدماغية بواسطة نبضات كهربائية من مجموعات الخلايا العصبية التي تتواصل مع بعضها البعض. تتغير موجات الدماغ اعتمادًا على ما يفعله الشخص أو كيف يشعر. إنها ترددات، تشبه الموجات الصوتية، ويطلق عليها موجات الوعي. هذه الموجات هي:

  • موجات جاما، هي الأسرع وتتعلق بالنشاط البدني، لمعالجة الكثير من المعلومات في وقت واحد.
  • موجات بيتا، توجد في معظم أوقات اليقظة، ويطلق عليها الوعي النشط، اليقظ، المنشغل.
  • موجات ألفا، وتوجد أثناء التفكير الهادئ والتأمل الخفيف. هذه هي منطقة الراحة، حالة الوجود، قوة الحاضر.
  • موجات ثيتا، وتحدث أثناء النوم، وعند ممارسة التأمل العميق. هذه هي المرحلة التي نتعلم ونعيد فيها برمجة العقل الباطن، إنها تشبه اللحظة بين النوم العميق والوعي، فهي بمثابة حالة حلم إلى حد كبير خارج الوعي الطبيعي.
  • موجات دلتا بطيئة وصاخبة، تتولد خلال نوم بلا أحلام وفي أعمق وساطة. هذه الحالة توقف الوعي الخارجي وهي مصدر التعاطف.

5- التنويم المغناطيسي

التنويم المغناطيسي أو التنويم الإيحائي هو حالة ذهنية هادئة للعقل الباطن تمكنه من استقبال الإيحاءات والاقتراحات والاستجابة لها بشكل أوسع.

بمعنى أن التنويم المغناطيسي هو أسلوب لتغيير حالة الدماغ إلى حالة ثيتا، أو دلتا، ثم تقديم اقتراحات إيجابية وتوجيه الشخص إلى تصورات إيجابية عميقة. بدلًا من استخدام التسجيل لإنشاء موجة الدماغ، يستخدم المنوم المغناطيسي صوته لتعميق وعي الشخص.

يوجد أيضًا التنويم المغناطيسي الذاتي. يمكن إجراء التنويم المغناطيسي الذاتي من خلال التسجيلات، أو ببساطة عن طريق توجيه الذات إلى حالة من الاسترخاء العميق وتقديم الإيحاءات والاقتراحات الإيجابية.

ذات صلة: ما هو اللاوعي

- إقراء أيضًا: كيف تتحكم بعقلك الباطن

مشاركة WhatsApp

المنشورات ذات الصلة