كيفية التحكم في العقل الباطن

كيف تتحكم بعقلك الباطن اللاواعي
العقل الباطن

العقل الباطن هو العالم الداخلي للإنسان، والجزء الغامض المسؤول عن الحدس والأحلام، فهو يعمل بطريقة لا إرادية؛ حيث يقوم بأرشفة ما يَمر به الشخص من ذكريات، ومشاعر، ومواقف، وأحاسيس ليتم تخزينها تلقائيًّا دون إرادة الشخص واختياره، حيث تتشكل من خلال تلك الأرشفة المعتقدات، والمخاوف، والقناعات الذهنية للشخص، كما يقوم أيضًا بتوجيه الأجهزة والأعضاء اللاإرادية كدقات القلب، وعملية التّنفس، والهضم وغيرها؛ فهو يعمل باستمرار بطرق لا يفهمها العقل الواعي.

العقل الباطن عبارة عن خزينة من المشاعر النفسية، والعواطف، والأفكار والمعتقدات والمخاوف والذكريات الإيجابية والسلبية، التي لها دور كبير جدًا في التأثير على سلوك الشخص، وردود أفعاله، وطريقة اتخاذه لقراراته، وعلى الطريقة التي يرى من خلالها ما يحدث حوله.

حيث يتحكم العقل الباطن في العديد من تصرفات الشخص وسلوكياته، وتوجهاته، وخلق عاداته، وصفاته وتشكيل شخصيته، وهو المسيطر على الجزء الأكبر من عمليات التفكير، حيث يعتبر العقل الباطن بمثابة القوة الخفية للإنسان، فإذا تمت السيطرة عليه والتحكم فيه بطريقة صحيحة فإن ذلك سيؤدي إلى نتائج مُبهرة جـدًا، مما يساعد الشخص على فتح المجال أمام عالم جديد من النجاح والسعادة ومعرفة الذات، واستغلال الإمكانيات والمهارات في سبيل تحقيق الأهداف.

في هذا المقال سنتحدث عن الكيفية التي يعمل بها العقل الباطن، وعن الوظائف والمهام التي يقوم بها وأهميتها، وعن الطريقة التي يمكن من خلالها تنشيط قوة العقل الباطن، والتحكم فيها واستخدامها في ما نريد تحقيقه من أهداف وطموحات.

قوة العقل الباطن

أكدت الدراسات الحديثة التي قام بها باحثون في مجال علم النفس بأن قوة العقل الباطن لها تأثير كبير في تشكيل شخصية الفرد وتُوجيهه والتأثير عـلى سلوكياته بناءً على ما يكتسبه من ذكريات مكبوتة ومؤلمة، وما يوجد فيه من معتقدات وأفكار قد تكون صحيحة، أو خاطئة.

إذا تم استغلال قوة العقل الباطن بالشكل الصحيح ليعمل على تشكيل وتسيير شخصية الفرد وتوجيهه بناءً على معلومات صحيحة، ومعتقدات إيجابية فإن النتائج ستكون جيدة، حيث سيتمكن الشخص من تحقيق ما يريد من أهداف؛ وذلك من خلال التنفيذ والتركيز على الهدف، وهو ما يحدث بالفعل في عملية العلاج الإيحائي بأن يتم إدخال كل ما يريده، أو يرغب فيه الشخص من أمور إيجابية في العقل الباطن؛ ومن ثم يقوم العقل الباطن بتوجيه الفرد بالقيام بالسلوك المطلوب والمناسب للوصول إلى ما يريده. وذلك لأن المعلومات والمعتقدات، والمخاوف الموجودة في العقل الباطن تؤثر سلبًا، أو إيجابًا على طريقة عمل العقل الواعي. 

قد لا يعمل العقل الواعي بطريقة صحيحة؛ وذلك بسبب البرمجة الخاطئة التي اكتسبها الشخص خلال فترة الطفولة؛ حيث تتم برمجة العقل الباطن في تلك الفترة بنسبة 95% مما يؤدي إلى تأثير تلك البرمجة على الطريقة التي يرى بها الشخص نفسه، وكل ما يدور حوله، كما تؤثر أيضًا على الطريقة التي يتخذ بها قراراته. وذلك لأن المخاوف والمعتقدات الخاطئة التي تم تخزينها في العقل الباطن تمنع الشخص من استغلال إمكانياته ومهاراته، وتؤثر على طريقة اتخاذ قراراته، وتتحكم كذلك بطريقة تفكيره، وردود أفعاله تجاه ما يحدث له.

إن نجاح أي شخص في الحياة يعتمد على علاقته الناجحة بعقله الباطن، وحتى تكون هناك علاقة جيدة وناجحة بين الشخص وعقله الباطن يجب على الشخص أن يكون واعيًا بذاته وأن يكون على معرفة بخبايا وغموض نفسه؛ ودور هذه الخبايا وخاصة المؤلمة منها في تسيير حياته.

كيفية التحكم بالعقل الباطن

لكي تدرك أكبر قدر من النجاح وتتحكم بعقلك الباطن أنت بحاجة ماسة للتأكد من صحة الأفكار والمعتقدات والمخاوف الموجودة فيه، والتخلص من المشاعر والأفكار السلبية؛ لكي تستطيع أن تتواصل معه، ليكون شريكًا داعمًا للنجاح وللشعور بالسعادة، وفي أحيانٍ كثيرة مصدر شفاء للعديد من الأمراض النفسية والبدنية.

يكمن السر في العقل الباطن أنه يجذب إلينا كل ما نعتقده ونؤمن به، وكل ما هو مخزون وموجود فيه.

إن قوة العلاقة والارتباط بين الشخص وعقله الباطن هي بمثابة تدريب وإقناع للذات على أنه يملك عقل آخر قوي يسانده في نجاحاته، و يمده بالثقة ويمنحه الشعور بالأمان؛ وذلك بأن يكون لديه شعور باللاشعور وهو فن الانتقال من التفكير إلى ما وراء التفكير من خـلال ممارسة التخيل الذي يقوم به العقل الواعي

كما يجب أن يكون على معرفة تامة في كيفية عمل العقل الواعي، والعقل اللاواعي معًا، وكيف يؤثر كل منهما على الآخر.

يتفاعل العقل الباطن مع الإنسان وطلباته بشكل تلقائي ومباشر، فكل ما تُركز عليه سوف تحصل عليه عاجلًا أم آجلًا، وذلك لأن العقل الباطن لا يفرق بين ماهو واقعي وماهو خيال.

لذلك فإن السر هنا أن يُحيط الإنسان نفسه بكل ما هو إيجابي وأن يؤمن بذاته، وأن يتحدث مع نفسه بشكل إيجابي مليء بواقع جميل، لأن الحديث مع الذات أو محادثة النفس والتفكير والخيال الإيجابي المتكرر يتم تخزينه في اللاشعور بشرط أن يؤمن الشخص بكل ما هو إيجابي يقوله أو يفكر فيه، وأن يكون على يقين بأنه قادر على تحقيق ما يريده.

كلما كانت الأفكار الإيجابية قوية، كلما كان عطاء العقل الباطن قوي، والقوة هنا قوة اليقين والإيمان بما نفكر فيه، ونعتقد.

العقل الباطن يشبه الرادار في عمله إلى حدٍ كبير؛ حيث يلتقط ويحلل أي كلمة، أو فكرة، أو موقف يحدث مع الشخص فيتم تخزينها فيه، بغض النظر عما إذا كانت إيجابية أو سلبية، فكل ما يتم تخزينه وبرمجته في العقل الباطن سوف يعود للشخص على هيئة أفعال، أو أقوال، أو عادات. 

مثال على ذلك، عندما يُخيل للشخص أنه في خطر سيبدأ في الخوف ومراقبة الأشياء من حوله، مما يؤدي إلى تفاعل العقل الباطن مع تلك التصورات فيقوم بإرسال إشارات يعطي من خلالها الأوامر لخلايا الجسم بتعديل نشاطها حسب الإشارات الصادرة منه، فيتم تحويل تلك الإشارات الخارجية إلى كيميائية (جينات وهرمونات) وهذا بدوره يؤدي إلى تفاعل خلايا الجسم مع هذه الهرمونات وفقًا لتلك الأوامر شريطة عدم تشكيك العقل الواعي في صحة تلك التصورات.

فمن خلال أفكارك وحديثك مع نفسك وتصوراتك ومعتقداتك تستطيع أن تتحكم بالعقل الباطن وفي نشاطك الخلوي وجيناتك، هرموناتك، وحالتك النفسية أيضًا.

فوائد التحكم بقوة العقل الباطن والوصول إليه

عملية الوصول إلى العقل الباطن لها فوائد كثيرة جدًا، فهو بمثابة مفتاح الوصول إلى إمكانياتك التي لم يتم التعرف عليها واستغلالها من قبل، حيث يمكنك من تحقيق الآتي:

1- تعزيز الصحة النفسية والبدنية والعقلية وتحقيق الرضا النفسي. 

فهو يساعد على شفاء نفسك من الداخل إلى الخارج، ويمكنك بسهولة من اكتشاف ما هو خاطئ كما يمكنك من خلاله أن تمارس تأثيرًا على كل من الجسد والعقل. بمجرد أن تتمكن من الوصول إلى عقلك الباطن وغرس الاسترخاء فيه، فإنك تشعر بحاسة أعمق وأطول عمرًا من الهدوء وراحة البال.

2 - يساعدك على التكيف مع الظروف ويعطيك شعور أكبر بالتعاطف والتفاهم مع الآخرين من حولك. 

كما يمكنك أيضًا من قراءة أفكار الآخرين بمزيد من الدقة واستشعار عواطفهم عن طريق لغة الجسد.

3 - تحسين الذاكرة وتسهيل عملية الوصول إلى الأفكار. 

حيث يعطيك تأثير أكبر على ما تتذكره ويمكنك من الاستفادة منه، واكتساب الخبرة من كل ما حدث لك في الماضي.

4 - تتحسن مهاراتك في الوصول إلى حلول لمشاكل الحياة التي تواجهها. 

تتحسن مهاراتك في حل المشكلات التي تواجهها فيصبح عقلك أكثر وضوحًا وانفتاحًا، ويعمل بسرعة أكبر ويولد مجموعة واسعة من الحلول للاختيار من بينها، فمن خلال الإحساس الواضح بالهدف، يمكنك على الفور من اكتشاف الحلول المناسبة ومعرفة الطريقة اللازمة والمناسبة لتنفيذها.

5 - يساعدك على اكتشاف قدراتك الإبداعية. 

تتيح لك عملية الوصول إلى خيالك أن تكون أكثر جرأة وإبداعًا، مما يمكنك من إعادة تشكيل تفكيرك على المستوى الأكثر عمقًا، بحيث أن هذه التغييرات ستؤثر على طريقة تفكيرك وعلى ما تجذبه إلى حياتك.

6 - يمكنك من اكتشاف قدرات التَعلم الجيدة بشكل كبير. 

وذلك من خلال التركيز على الأهداف، واكتساب المهارات والقدرة على تجاوز معتقداتك الخاطئة والتحرر منها، حيث يعطيك القدرة المطلوبة للتخلص من الأفكار السلبية، والمعتقدات المعيقة والخاطئة التي تمنعك من تحقيق أهدافك، واستغلال كامل إمكاناتك والتكيف معها من خلال تغيير أنماط التفكير القديمة التي تُبقيك أسيرًا لـ مخاوفك الوهمية.

7 - يمكنك من فهم وإدراك أسباب المخاوف والرهاب. 

يمكنك من اكتشاف الأسباب الرئيسية للخوف والرهاب المدفونة في العقل الباطن والتخلص منها، وذلك عن طريق زيادة المعرفة بالنفس، والسيطرة على الأفكار مما يجعلك بطبيعة الحال تشعر بمزيد من الثقة والإيمان بالذات، وهذا بدوره يتيح لك وضع خطط رئيسية وأهداف صحيحة ومتابعة تحقيقها.

8 - تعزيز وضوح الأفكار. 

يعزز قدراتك العامة التي تعزز وعيك الذاتي، وشعورك بالهدف، مما يجعلك تستمتع بمستويات أعلى من الإبداع والتركيز، والوصول إلى الأفكار والمشاعر، فهو يجعلك تنظر إلى الأشياء بوجهة نظر فلسفية، بما في ذلك مشاعرك، ورغباتك، وكل ما يدور حولك ويحدث لك، مما يجعلك تدرك الحياة بوجهة نظر منطقية تخلق لديك شعورًا بالسعادة من خلال معرفة الغرض من وجودك في هذه الحياة، كما يمكنك أيضًا من تحديد مشاعرك الحقيقية وقيمك ومهاراتك مما يساعدك على اتخاذ قرارات جيدة، وتحديد أهداف تتناسب مع مواهبك، ومهاراتك، وإمكانياتك؛ حيث تزيد بذلك احتمالية نجاحك في تحقيق أهدافك وطموحاتك بنسبة كبيرة جدًا.

- ذات صلة: طرق إعادة برمجة العقل الباطن
_______
- المصادر/
- thelawofattraction


لمشاركة المقال علي فيسبوك وتويتر من هنا👇
مشاركة WhatsApp

المنشورات ذات الصلة