العلم والفلسفة
مقارنة بين العلم والفلسفة |
مقال فلسفي حول المقارنة بين العلم والفلسفة
الإشكالية: قارن بين العلم والفلسفة
المقدمة: يحتاج الإنسان في تواصله مع العالم الخارجي إلى آليات تمكنه من ترجمة عالمه الداخلي المتمثل في الفكر، حيث أن الفكر هو الحياة الخاصة التي من خلالها يتطلع الإنسان إلى تأمل واقعه المعاش وتحليله.
يتميز التفكير الإنساني بشكل عام بتعدد مبادئه وتنوع مناهجه، ومنها التفكير العلمي الذي كان له الدور البارز في انتقال الإنسان من طور البداوة والتوحش إلى طور التقدم والحضارة، إلا أن التفكير الفلسفي هو الآخر مَثل خصوصية الإنسان ومَيز وجوده الفاعل في الكون باعتباره كائنًا مفكرًا ومتأملًا في الوجود، مما أدى بالبعض إلى النظر إلى العلم على أنه نتيجة من نتائج التفكير الفلسفي، غير أن مفهومي العلم والفلسفة يدفعاننا إلى بحث العلاقة بينهما وطرح التساؤل التالي: ما هي أوجه الاختلاف وأوجه التشابه وأوجه التداخل الموجودة بين التفكير العلمي والتفكير الفلسفي؟ بعبارة أخرى: ما هي العلاقة الموجودة بين العلم والفلسفة؟
أوجه الاختلاف بين العلم والفلسفة:
من أوجه الاختلاف بين العلم والفلسفة اختلافهما من حيث الموضوع، والمنهج، والغاية، فإذا كان موضوع الفلسفة هو الميتافيزيقا والتي تعني ما وراء الطبيعة، أي المواضيع المجردة والخاضعة للتأمل؛ فإن موضوع العلم هو الفيزيقا أي العالم المادي الطبيعي المتعلق بالأشياء المحسوسة.
اختلافهما في الموضوع يحيل بنا إلى التأكيد على منهج كل منهما، الفلسفة تعتمد على المنهج التأملي العقلي، حيث يعتمد الفلاسفة على الاستنتاج الذي هو عملية عقلية ينتقل فيها الفكر من العام إلى الخاص، بينما يعتمد العلم على المنهج التجريبي.
الفلسفة نظرية وتجريدية أكثر، وتسعى إلى فهم طبيعة المعرفة والوجود والقيم. على عكس العلم، لا ترتكز الفلسفة دائمًا على الأدلة التجريبية، وغالبًا ما تعتمد على التحليل المفاهيمي والحجج للوصول إلى استنتاجاتها.
من ناحية أخرى، فإن العلم مجال عملي وتجريبي أكثر يهدف إلى اكتشاف وشرح الظواهر الطبيعية، حيث يهتم بتطوير النظريات والنماذج التي يمكن اختبارها والتحقق من صحتها من خلال الملاحظة والتجريب وتحليل البيانات. يسعى العلم أيضًا إلى الموضوعية، بالاعتماد على التفكير القائم على الأدلة بدلًا من المعتقدات أو الآراء الشخصية.
تتناول الفلسفة مسائلها بطريقة وصفية كيفية، بينما يعتمد العلم على طريقة التكميم وصياغة نتائج التجارب العملية صياغة رياضية مضبوطة. أمّا من ناحية الشمولية والعموم، فإن ميدان الفلسفة أشمل بكثير من ميدان العلم، لأنها تشتمل مباحث الوجود والقيم والمعرفة، بينما لا يتجاوز مجال العلم ميدان الابستمولوجيا.
ذات صلة: مقالة اليقين الرياضي
أوجه التشابه بين العلم والفلسفة:
من أوجه الاتفاق الرئيسية بين العلم والفلسفة أن كل منهما يمثل فاعلية فكرية إنسانية تتسم بالشمولية والتعدد، فمن حيث المنهج فإن كل من الفلسفة والعلم يقتضي عدم التحيز نظرًا لما يتسمان به من موضوعية وحياد، وينم ذلك عن اشتراك في الدافع إليهما من حيث الميل الطبيعي في الإنسان إلى التطلع وحب الاكتشاف المتجسد في الفضول المعرفي لمواجهة العجز في فهم بعض مسائل الوجود.
كما أن كل من العلم والفلسفة يشتركان في مصدر واحد وهو السؤال الذي طرحه الإنسان فظهرت عبر التاريخ مواضيع فلسفية وأخرى علمية. يشتركان أيضًا في رغبة الوصول إلى حقائق الأشياء، كما أن كلاهما يساهمان في بناء الحضارات ورقي المجتمع الإنساني ويساهمان أيضًا في تأقلم الإنسان مع واقعه وتكيفه مع محيطه.
أوجه التداخل بين العلم والفلسفة:
إن العلاقة بين الفلسفة والعلم هي علاقة اتصال متبادل بينهما، لذلك قيل: "تبدأ الفلسفة عندما ينتهي العلم"، وهذا يعني أن المواضيع العلمية قبل أن تكون كذلك إنما كانت مواضيع فلسفية في الأساس والأصل، لذلك قال هيجل: "تظهر الفلسفة في المساء بعد أن يكون العلم قد ولد في الفجر وقد قطع زمن يوم طويل". وهذا تعبير واضح عن مبحث الابستمولوجيا الذي يتجسد فيه التلاحم الوثيق والارتباط الضروري بين العلم والفلسفة ومن هنا تكون العلاقة بينهما علاقة تداخل. يقول لويس ألتوسير: "لا يلاحظ وجود الفلسفة إلا في عالم يحتوي على ما نسميه علمًا".
الرأي الشخصي: أنا أرى أن العلاقة الموجودة بين العلم والفلسفة هي علاقة اتصال وظيفي متبادل بينهما إذ لا يمكننا الفصل بين العلم والفلسفة.
خاتمة: نستنتج أن بين الفلسفة والعلم علاقة تكامل وظيفي من حيث أن كل منهما يستجيب لدواعي فكرية وذهنية تميز الوجود الإنساني الفاعل من حيث هو كائن مفكر.
- ذات صلة: مقالة جدلية حول العولمة
- اقرأ أيضًا: مقالة جدلية حول العلم والفلسفة