كيف تكتسب المرونة النفسية

المرونة في علم النفس

المرونة النفسية
المرونة النفسية

في الحياة، لدينا جميعًا تجارب مرهقة، حيث نواجه العديد من التغييرات والمواقف الصعبة، وحالات الصعود والهبوط التي قد تجعلنا أكثر عرضة للشعور بالتوتر، ومن هنا تكمن أهمية المرونة النفسية التي تُعتبر واحدة من أهم المهارات التي تمكننا من إدارة هذه التجارب بنجاح. بناء المرونة النفسية واكتسابها أمر أساسي لتحقيق السعادة والنجاح في الحياة.

في هذا المقال، سنتحدث عن المرونة في علم النفس، وعن أهميتها واستراتيجياتها، وعن أهم طرق بناء المرونة النفسية

ما هي المرونة النفسية؟ 

يتم تعريف المرونة النفسية بأنها مدى قدرة الشخص على التأقلم عقليًا أو عاطفيًا مع تحديات الحياة وتجاوزها والاحتفاظ الفعال بحالته النفسية بصورة جيدة. 

بعبارة أخرى، فإن المرونة هي التكيف المتكامل للجوانب الجسدية والعقلية والروحية في مجموعة من الظروف "الجيدة أو السيئة"، وهو شعور متماسك بالذات قادر على الحفاظ على المهام التنموية المعيارية التي تحدث في مراحل مختلفة من الحياة.

يميل الأشخاص المرنون إلى الحفاظ على نظرة أكثر إيجابية والتعامل مع الإجهاد والتوتر بشكل أكثر فعالية وذلك من خلال تطوير قدراتهم النفسية، واستخدام العمليات والسلوكيات العقلية لتعزيز الأصول الشخصية وحماية الذات من الآثار السلبية المحتملة للضغوط والانتقال من الموقف دون أي عواقب سلبية طويلة المدى. 

استراتيجيات المرونة النفسية

مثلما نتعلم كيفية قيادة السيارة أو ركوب الدراجة، يمكننا أن نتعلم المهارات التي تجعلنا أكثر مرونة. فيما يلي أهم الاستراتيجيات التي ستمكنك من البدء في بناء مرونتك وهي:

  • ممارسة القبول والوعي، القبول الواعي وعدم إصدار الأحكام هي بداية جيدة لبناء المرونة، لذا اعترف بمشاعرك وعيش الشعور السيئ ولكن لا تحكم على نفسك أو على الآخرين بسبب وجود هذه المشاعر السلبية، لأن ذلك يجعل توترك أسوأ.
  • مراقبة الموقف بهدف زيادة وعيك، نمر جميعًا بمواقف غير سارة، غالبًا على أساس يومي حيث تتولد لدينا العديد من المشاعر السلبية، لذا فإن إبعاد نفسك ذهنيًا عن الموقف، والتجرد منه ومراقبته من منظور شخص آخر هو طريقة مفيدة لتقليل الحمل العاطفي الزائد. عندما تنمي منظور أوسع ستكتشف أن الموقف ليس بالسوء الذي كنت تعتقده في البداية.
  • ابحث عن الإيجابيات في المواقف السلبية، كلما ركزت أكثر على الجانب الإيجابي للمواقف السلبية، كان من الأسهل على عقلك أن يتعافى من التوتر ويصبح أكثر مرونة. 
  • الامتنان، ممارسة الامتنان والتركيز على نقاط القوة، وبناء علاقات قوية أمور مهمة وموارد رئيسية تساعدنا على بناء مرونتنا والتعامل بشكل أكثر فعالية مع الإجهاد والتوتر.
  • عزز مهارات التأقلم الخاصة بك، من الضروري تطوير مهارات التأقلم الجيدة - وهي المهارات التي تساعدك على استعادة نفسك سريعًا عندما تكون محبطًا. اكتشف كيفية إنشاء القليل من المشاعر الإيجابية لمساعدتك على البدء في العودة إلى طبيعتك. 
  • احتفل بنجاحاتك، في أثناء سعيك لتحقيق قدر أكبر من المرونة أو السعادة أو أي شيء آخر، لاحظ مكاسبك.
  • أوقف دورات التفكير السلبي، التفكير السلبي يجعلنا ننشغل بالسلبية بدلًا من اتخاذ الإجراءات التي نحتاجها للمضي قدمًا. لوضع حد لدورات التفكير السلبي هذه، نحتاج إلى إيقاف الأفكار السلبية والتفكير بشكل إيجابي في اتجاه مختلف.

طرق بناء المرونة النفسية

بناء المرونة في العلاج السلوكي المعرفي هي مسألة تغيير السلوكيات الأساسية وأنماط التفكير بعناية. المرونة النفسية ليست قوة خارقة أو نادرة، يمكن لأي شخص اكتسابها وتنميتها، ولذا يجب النظر إلى المرونة النفسية على أنها عملية نضج وليست صفة، فهي عملية فردية يسعى من خلالها الفرد إلى معرفة ذاته وقدراته المتميزة.

أظهرت الأبحاث أنه في حين أن بعض الناس يطورون المرونة بشكل طبيعي، يمكن أيضًا تعلم هذا السلوك. سواء كنت تمر بوقت عصيب الآن أو تريد أن تكون مستعدًا للمستقبل، توصي جمعية علم النفس الأمريكية (APA) بـ 10 تقنيات يمكنك التركيز عليها وممارستها لكي تكتسب مرونتك وهي كما يلي:

1. ثق بنفسك وآمن بقدراتك

يمكن أن تلعب الثقة في قدرتك على التعامل مع ضغوط الحياة دورًا مهمًا في بناء المرونة النفسية. يمكنك اكتساب ثقة أكبر بقدراتك من خلال تذكير نفسك بنقاط قوتك وإنجازاتك. 

من المهم أيضًا تغيير طبيعة الحديث مع الذات؛ لأن الحديث الذاتي يعزز المعتقدات حول كفاءة الشخص وقيمته الذاتية، لذا استمع إلى التعليقات السلبية في رأسك، ثم تدرب على استبدالهم على الفور بأخرى إيجابية، يساعد هذا التغيير البسيط في أنماط التفكير على تقليل الضغط النفسي عند مواجهة التحديات. 

أظهرت الأبحاث أن احترامك لذاتك يلعب دورًا مهمًا في التعامل مع التوتر والتعافي من الأحداث الصعبة.

2. تحرك نحو الهدف

ضع أهدافًا واقعية. افعل شيئًا ما على الأقل، ولكن بانتظام، حتى لو بدا لك أن هذه مساهمة غير مهمة، فانتقل إلى الأمام تدريجيًا. بدلًا من وضع خطط مستحيلة، اسأل نفسك، ما هو الشيء الوحيد الذي يمكنني فعله اليوم والذي سيساعدني في التحرك في الاتجاه الذي اخترته؟

3. بناء علاقات قوية

من المهم أن يكون لديك أشخاص يمكنك الوثوق بهم. إذا كنت مُحاطًا بأشخاص مهتمين، أشخاص يدعمونك، فإنهم يعملون كعامل وقائي في أثناء الأزمات. صحيح أن مجرد الحديث عن الموقف مع صديق مقرب، أو أحد أفراد أسرتك لن يخلصك من المشكلات بشكل نهائي، ولكنه سيسمح لك بمشاركة مشاعرك والحصول على الدعم والحصول على ردود فعل إيجابية واقتراح الحلول الممكنة لمشاكلك.

4. احتضان التغيير وقبول الظروف التي لا يمكن تغييرها

المرونة جزء لا يتجزأ من الاستدامة. من خلال تعلم كيف تكون أكثر قابلية للتكيف، ستكون أكثر استعدادًا للاستجابة لأزمة الحياة. غالبًا ما يستخدم الأشخاص المرنون هذه الأحداث كفرصة للتطور في اتجاهات جديدة. بينما قد يتم سحق بعض الأشخاص بسبب التغييرات الجذرية، فإن الأشخاص الذين يتمتعون بدرجة عالية من المرونة قادرون على التكيف والازدهار.

5. كن متفائلًا

قد يكون البقاء متفائلًا في الأوقات المظلمة أمرًا صعبًا، لكن الحفاظ على نظرة متفائلة يعد جزءًا مهمًا من المرونة. قد يكون ما تتعامل معه صعبًا، لكن من المهم أن تظل متفائلًا وأكثر إيجابية.

لا يعني التفكير الإيجابي تجاهل المشكلة من أجل التركيز على النتائج الإيجابية. هذا يعني أن تفهم أن الانتكاسات مؤقتة وأن لديك المهارات والقدرات للتعامل مع التحديات التي تواجهها.

6. اعتني بنفسك

عندما تكون متوترًا، من السهل جدًا إهمال احتياجاتك الخاصة. فقدان الشهية، وقلة النوم كلها ردود فعل شائعة لحالة الأزمة. بدلًا من ذلك، ركز على تطوير مهارات الرعاية الذاتية الخاصة بك. ابحث عن وقت للأنشطة التي تستمتع بها.

من خلال الاهتمام باحتياجاتك، يمكنك تحسين صحتك العامة وبناء مرونتك والاستعداد الكامل لمواجهة تحديات الحياة.

7. تطوير مهارات حل المشكلات

تُظهر الأبحاث أن الأشخاص الذين يمكنهم إيجاد حل لمشكلة ما يكونون أفضل في التعامل مع الصعوبات من أولئك الذين لا يستطيعون ذلك. في كل مرة تواجه فيها مشكلة جديدة، قم بعمل قائمة مختصرة ببعض الطرق الممكنة لحلها.

جرب استراتيجيات مختلفة وركز على تطوير طريقة منطقية لحل المشكلات الشائعة. من خلال ممارسة مهارات حل المشكلات بانتظام، ستكون أكثر استعدادًا للتعامل مع التحديات التي تواجهك.

8. حافظ على المنظور والسياق

عندما تواجه موقفًا مؤلمًا للغاية، حاول أن تنظر إليه في سياق أوسع وعلى المدى الطويل. تجنب التقلبات في رؤيتك للموقف.

الأشخاص المرنون لديهم القدرة الشعورية على تحمّل إعادة التفكير في مواقفهم، وقراراتهم، ونمط حياتهم، واختياراتهم، وسلوكياتهم، وإثارة الشك بما كانوا يعدونه حقائق قطعية ونهائية في حياتهم. إنها القدرة على الانسلاخ من النفس والنظر إليها من بعيد لتصحيح مسارها.

9. اتخاذ إجراءات حاسمة

في المواقف غير المواتية، ابذل قصارى جهدك. بادر بالتحرك، ولا تبتعد عن المشكلات، وتتظاهر بأن كل شيء سيمر من تلقاء نفسه.

10. استمر في العمل على مهاراتك

تم إجراء دراسة بين المهنيين المتفوقين الذين واجهوا مواقف صعبة تتطلب المرونة. قام البحث بفحص 13 من المتفوقين من مختلف المهن، وجميعهم واجهوا تحديات في مكان العمل وأحداث الحياة السلبية على مدار حياتهم المهنية؛ ولكنهم وبالرغم من ذلك حققوا إنجازات عظيمة في مجالات تخصصهم. تم إجراء مقابلات مع المشاركين حول الحياة اليومية في مكان العمل بالإضافة إلى تجاربهم مع المرونة والازدهار، حيث خرجت نتائج الدراسة بستة تنبؤات رئيسية بالمرونة وهي: الشخصية الإيجابية والاستباقية، والخبرة والتعلم، والشعور بالسيطرة، والمرونة والقدرة على التكيف والتوازن والمنظور والدعم الاجتماعي المتصور. 

غالبًا ما يبدو لنا من الخارج أن الناس يتغيرون كثيرًا، وهذا النمو الشخصي هو نتيجة صراعهم مع تحديات الحياة. في الواقع، يلاحظ العديد من الأشخاص الذين مروا بأحداث مأساوية أو مواقف صعبة أن تلك المواقف جعلتهم يشعرون بمزيد من الثقة والقوة، ويصف الكثيرون بأن لديهم نمو روحي وشعور قوي بقيمة الحياة.

لذا ركز على ممارسة هذه المهارات بالإضافة إلى الخصائص العامة للأشخاص المرنين، ولكن لا تنسَ البناء على نقاط قوتك الحالية أيضًا.

_____________
- المصادر والمراجع/
  1.  en.wikipedia: Psychological resilience
  2.  Berkeleywellbeing: What Is Resiliency and How Do You Build It?
  3.  womo: Психологическая устойчивость: как ее повысить
مشاركة WhatsApp

المنشورات ذات الصلة