كيف تنسى الماضي المؤلم

كيف تنسى الماضي المؤلم
كيف تنسى الماضي
كثيرةٌ هي المواقف المؤلمة والصدمات النفسية التي يواجهها الإنسان خلال فترة حياته، والتي يكون لها دور كبير في التأثير على نمط تفكيره، وسلوكياته، حيث يمر بمراحل عصيبة جدًا تسبب له الكثير من المتاعب، والحسرة، والجراح، والألم؛ وذلك لسببٍ ما تعرض له في حياته كـ التجريح والإساءة، أو صدمة نفسية من شخص عزيز، أو فشل في علاقة عاطفية، أو طفولة بائسة، أو تجارب فاشلة ومؤلمة.
كل هذا يجعل الإنسان يعيش في حالة من الحزن والتعاسة والمشاعر السلبية المدمرة للكيان النفسي بسبب الذكريات العاطفية المؤلمة والأفكار السلبية التي تظل تلازمه وتسبب له حالة من الاكتئاب، واليأس، والشعور بالتعاسة والبؤس وعدم الاستحقاق.
والشيء الذي لا يدركه الكثير منا هو أن التجارب السابقة التي نمر بها، والأفكار التي تراودنا بشأنها؛ لها دور كبير في برمجة العقل الباطن الذي يتحكم في سلوكيات الشخص، وتصرفاته، وردود أفعاله، حيث يكون لها تأثير كبير على العديد من مجالات حياته بما في ذلك تشكيل شخصيته وتحديد مسار حياته.

نسيان الماضي المؤلم 

‏لست مضطرًا للمزيد من المعاناة تجاه ما حدث لك في الماضي، ينبغي عليك أن تدرك أنك قد اكتفيت، ولم يعد هناك داعٍ للمزيد من الألم.. لن يتغير شيء، والحياة لاتنتظر، والعمر مرة واحده، والسعادة حق لنفسك عليك، فلا تتنازل عنه.
مهمتك أن تفتح صفحة جديدة مليئة بالحيوية والثقة والتفاؤل، وتبدأ في إسعاد روحك، بدلاً من أن تنشغل بشيء يؤذيك ويؤلمك.

علامات تدل على أنك تحت تأثير تجارب الماضي المؤلم

هناك مجموعة من العلامات التي تدل على أنك تعيش في الماضي تحت تأثير الصدمات النفسية المؤلمة، والتجارب الفاشلة وهي:
  • الانغلاق الفكري والحزن المستمر الذي يقودك إلى الاكتئاب، والعزلة، والانزواء، وتمثيل دور الضحية.
  • لعب دور "الضمير الحي" وغيرك بلا ضمير. 
  • المبادرة بالمواقف غير المتفهمة، والردود الجافة والقاسية في تعاملك مع من حولك. 
  • تصيُد هفوات الآخرين والتركيز على تصرفاتهم السلبية.

كيف يمكن لتجارب الماضي أن يكون لها تأثير عميق في تشكيل شخصيتك وتحديد مسار حياتك. 

التجارب السابقة هي الأشياء التي مررنا بها في حياتنا الماضية حتى هذه اللحظة. إنها أحداث وتجارب ومواقف قد تكون إيجابية أو سلبية. لذا نحن بحاجة إلى فهم هذه التجارب ومعرفة الطريقة التي تؤثر بها على ما نقوم به في الوقت الحاضر، لكي نعيش حياة سعيدة ومرضية.
فـ التجارب السابقة يمكن أن يكون لها تأثير عميق على العديد من مجالات حياتنا بما في ذلك شخصيتنا وتحديد مسار حياتنا؛ وذلك من خلال الطريقة التي ننظر بها إلى أنفسنا وإلى ما يحيط بنا، ومن خلال المعتقدات والقناعات الذهنية التي توصلنا إليها نتيجة تجاربنا السابقة.
فالأفكار التي تراودنا بشأن تلك التجارب التي مررنا بها في الماضي؛ لها دور كبير في برمجة العقل الباطن الذي يتحكم في سلوكياتنا، وتصرفاتنا، وردود أفعالنا تجاه ما يحدث معنا من أحداث ومواقف.
إن ما يشغل تفكيرك اليوم هو ما سيحدد مستقبلك غدًا، فـ التفكير في الماضي واستعادة الذكريات المؤلمة، والمواقف السلبية من الممكن لها أن تؤثر سلبًا على مسار حياتك، وعلى طريقة اتخاذ قراراتك المصيرية، وعلى الطريقة التي تنظر بها للحياة من حولك، وعلى الصورة الذاتية التي ترى بها نفسك؛ حيث تصبح بمثابة حاجز يمنعك من التقدم نحو الأمام؛ بسبب معتقداتك ومخاوفك الموجودة في عقلك الباطن التي تم اكتسابها مُسبقًا كنتيجة للتجارب المؤلمة أو الفاشلة التي تعرضت لها في الماضي، وهذا بدوره يؤدي إلى الاستسلام للواقع وعدم استغلال الفرص والإمكانات والمهارات، كما يؤدي إلى تحطيم المواهب الشخصية وتدمير القوى العقلية، وتشكيل صورة ذاتية سلبية عن الذات.
كما أن العلاقات الاجتماعية وطريقة التعامل مع الأشخاص المحيطين بك كالعائلة، والأصدقاء، والأحباء لها تأثير كبير في تشكيل الشخصية التي أنت عليها اليوم؛ وذلك من خلال الطريقة التي يعاملونك بها.

يمكن للسلوكيات والتجارب الروتينية أن تصبح عادة متأصلة فينا. حيث يتوقف الناس عن استخدام عقولهم ويصبحون محاصرين بسبب مخاوفهم الوهمية ومعتقداتهم الخاطئة وقناعاتهم الذهنية الغير صحيحة.
لذا يجب عليك أن تتخلص من ماضيك بكافة الطرق والوسائل الممكنة للخروج من دائرة الماضي وفتح صفحة جديدة. صفحة مليئة بالأمل والحيوية والنشاط والإرادة الجبارة.

كيف تنسى الماضي؟ 

لكلٍ منا حياته الخاصة بِفصولها واختلاف أقدارها، وأحزانها، وأفراحها، كل ما يُصيبنا فيها ما هي إلا دروس نتعلم منها كيفية التعامل مع الأقدار على أنها حكمة إلهية.
كل شيء يحدث لسبب، وحدَها الأسباب والأحداث المزعجة والمؤلمة من تجعلنا ننضج وننمو بطريقة مختلفة لنصبح أقوى.
الماضي هو الماضي من الصعب جدًا تركه والتوقف عن التفكير فيه، ولا يمكن تغييره أيضًا؛ ولكن يمكننا إعادة صياغة آرائنا بشأن التجارب السلبية التي حدثت فيه، وتغيير طريقة نظرنا لها والتحكم في ردود أفعالنا تجاهها.
هناك وجهة نظر لـ الدكتور أليكس ليكرمان الذي يكتب حول علم بناء الذات غير القابلة للتدمير وذلك عن طريق تغيير سرد الماضي من خلال مشاهدته من وجهة نظر الباقين بدلًا من الضحية.
طريقة أخرى قد تكون قادرة على تحسين قدرتنا على إدارة الألم عن طريق إعادة التفكير في تجاربنا المؤلمة التي حدثت معنا في الماضي من منظور مختلف ليس مع التركيز على شدة الألم والمعاناة الذي شعرنا بهما ولكن على حقيقة كيف أننا كنا أقوياء واستطعنا أن ننجو من تلك المعاناة والألم في الماضي، وكيف تمكنا من المواجهة والبقاء على قيد الحياة حلقة مماثلة في الوقت الحاضر وبقوة أكبر.

طُرق نسيان الماضي المؤلم والبدء بحياة جديدة. 

هناك بعض الطرق التي يمكن أن تساعدك على نسيان الماضي وفتح صفحة جديدة وهي:

- تغيير طريقة تفكيرك.

إن طريقة تفكيرك ونظرتك للتجارب التي تحدث لك هي من تحدد ردة فعلك تجاهها، لذا كن واعيًا ومدركًا للكيفية التي يؤثر بها عقلك الباطن على سلوكياتك وردود أفعالك تجاه ما يحدث لك، تأكد من صحة مخاوفك، ومعتقداتك، وقناعتك الذهنية، ركز على نقاط القوة لديك وتخلص من نقاط ضعفك.
لا تعيش حياتك تحت تأثير عقلك الباطن، ولا تسمح لخبرات الماضي السلبية بتشكيل الشخص الذي أنت عليه. ركز على التجارب الجيدة والإيجابية التي تقدمها لنفسك وللآخرين، انظر إلى التجارب السابقة على أنها تجارب تعلم واكتساب الخبرات، فهي تسمح لنا بتحسين أنفسنا والعيش بسعادة أكبر في المستقبل
لا تحتفظ بالأشياء السلبية الغير مهمة في الواقع، لا تفكر فيها على الإطلاق.
إذا ركز عقلك على الأشياء السلبية التي حدثت لك في الماضي، فسوف تتحرك حياتك في اتجاه سلبي؛ لأن حياتك تتحرك وفقًا لأفكارك المسيطرة على عقلك.

- تجرد من أفكارك وتخلى عنها.

التجرد
التجرد من الأفكار السلبية
التجرُّد من الأفكار الشخصية له تأثير كبير في عملية النضوج؛ حيث يمكنك من ممارسة قدر كبير من السيطرة على الأفكار؛ وذلك من خلال تجرّدك من أفكارك المسبقة والنظر للأمر من بعيد وكأنه لا يعنيك، وذلك بوضَع نفسك موضع المُتفرّج المحايد؛ حينها سترى الأشياء التي كانت غائبة عنك عندما كنت في غمرة التفاصيل؛ سوف تتضح لك الصورة على حقيقتها.

عادة ما يمكن الوصول للتجرد من الأفكار بممارسة التأمل الذي يتيح لك فرصة إمعان النظر في أفكارك ومراقبتها وكأنك شخص غريب، ومن ثم تسمح لها بالمغادرة والرحيل دون أن تحرك ساكنًا بشأنها. وهذا يمنحك ممارسة نوع معين من التجرد يمكنك من إدراك حقيقة تلك الأفكار، ستدرك بأن جميع الأفكار التي تدور في بالك ليست بتلك الأهمية التي كنت تعتقدها، وأن معظمها لا يعدو كونه سحابةً عابرة تُعكّر صفو حياتك ومن الأفضل لو حررت نفسك منها.
إن التجرد من أفكارك يتطلب منك فهمًا لحقيقة أن (أفكارنا ماهي إلا مجرد أفكار) وليست حقيقةً مطلقةً ولا واقعًا.
عندما تتجرد من أفكارك ستدخل في حالة ذهنية تشاهد فيها كل شيء بهدوء ووضوح وبحُسن نية، مهما كان ما تراه، أو تسمعه، أو تفكر فيه، أو تعاني منه. سوف تُشاهد مشاكلك ومخاوفك وتحدياتك دون أي قيود أو قلق بشأنها. لأنك سترى كل ذلك أمامك كشاهد فقط.
عندها ستفقد كل أفكارك المضطربة ومشاعرك السلبية سيطرتها على عقلك، بالتالي لن يكون لها أي تأثير على مشاعرك وردود أفعالك أو إحداث أي خلل في قدراتك الذاتية وصحتك النفسية.

- مارس التجرد في تجاربك الشخصية.

قد تجد نفسك عالقًا في أفكارك السلبية تُعيد سرد تجارب الماضي المؤلمة والتعيسة، وقد لا تتوقف عن تلك الأفكار حتى يتعكر مزاجك وتدخل في حالة من الإحباط والمشاعر المحزنة، لذا يجب أن تتجرد من تجاربك السلبية وتنظر إليها على أنها أحداث حدثت لك بدلًا من أن تكون جزءًا منك. بعبارة أُخرى عندما تمر في تجربة مؤلمة انظر لنفسك كناجي وليس كضحية.
فـ التجارب الفاشلة، والأحداث المؤلمة إما أن تدمرك وتنهيك، وإما أن تزيدك قوة وصلابة؛ وذلك إذا نظرت إليها على أنها تجارب سوف تتعلم منها الخبرة في مواجهة الحياة.
وبما أن كل تلك التجارب تُشكل أحكامنا وآرائنا إزاء نظرتنا للعالم من حولنا، لذا يجب عليك أن تنظر إلى الجانب الإيجابي فقط، وأخذ العبرة من كل تجربة والمضي قُدُمًا في الحياة بحكمةٍ جديدة بدلًا من أن تحمل على كاهلك المرارة والذنب والندم على تجاربك السابقة والسماح لها بتشويه حاضرك. وإن حدث أمر سيئ فأطلق العنان لنفسك لتمارس طقوس أحزانها، اسمح لنفسك بالشعور بالحزن على فشلك أو فقدانك لشيء ما، عيش اللحظة المؤلمة وتحمل الشعور السيئ ولكن لا تبني عليه نية ولا تتخذ فيه قرار، دعه يعبر بصمت وسلام حتى يقل ويتلاشى وجودة، تقبل ذاتك وما أنت عليه ثم انسى أمره.
من خلال التقبُّل الكامل والتصالح مع الذات يمكنك أن تحرر نفسك من كل ما يُثقل كاهلك وتُجرد نفسك منه.

- اقطع علاقاتك مع الأصدقاء الذين يذكرونك بالماضي المؤلم.

يجب أن تبتعد عن كل الأصدقاء الذين يذكرونك دائمًا بالأشياء الخاطئة التي فعلتها في الماضي.
كما يجب التخلص من الأشخاص السلبيين ومحاولة التركيز على النفس، وذلك لكي تشغل تركيزك بكل ما هو إيجابي ويخدم أهدافك، وتتمكن من ضبط نفسك تمامًا والتركيز على نفسك ورؤيتك.

- حدد أهدافك وتحمل مسؤولية حياتك. 

من أهم الطرق التي يمكن أن تساعد في نسيان الأشياء السلبية التي حدثت في الماضي هي تحديد الأهداف والعمل على تحقيقها.
يجب أن تدرك حقيقة أن التجارب السابقة التي فشلت فيها ليست نهاية العالم، وأن لديك إمكانات كاملة لتحقيق أشياء أكبر في الحياة.
حدد لنفسك أهداف طويلة المدى - أهداف يمكن تحقيقها خلال عدة سنوات - ثم قسم تلك الأهداف إلى أهداف قصيرة المدى سنوية أو شهرية. ضع لنفسك المواعيد النهائية لتحقيق تلك الأهداف، وابدأ في بذل المزيد من الجهد والاستمرارية من أجل متابعة تقدمك.

- أوجد لحياتك رؤية.

بمجرد أن تتحمل مسؤولية حياتك وتكتشف الطريقة التي تمكنك من التعلم من كل مواقف حياتك، فإن الخطوة التالية هي أن تكون لديك رؤية لحياتك. قد يؤثر ماضيك على مستقبلك، ولكنك أنت من يحدد مدى ذلك التأثير، وذلك من خلال طريقة تعاملك وردود أفعالك تجاه تلك التجارب المؤلمة، إما أن تدمرك وإما أن تزيدك قوة وصلابة وتتعلم منها وتستخدمها كدافع تحفيزي من أجل إثبات ذاتك وتحقيق أحلامك؟
وجود رؤية لحياتك هي المفتاح الرئيسي لتحقيق ما تريده؛ لأن ما تركز عليه سوف تحصل عليه. إذا ركزت على نفسك ونقاط القوة لديك وتمكنت من اكتشاف مواهبك وتطوير مهاراتك يمكنك تحقيق أشياء عظيمة لها تأثير كبير على نفسك وعلى من حولك بطريقة إيجابية.

- تخلى عن كل الأحقاد وتعلم الصفح والمسامحة.

الطريقة الوحيدة لنسيان الماضي هي مسامحة من أخطأ في حقك، لا يهم إن كنت ستقطع علاقتك به أم لا، المهم هو أن تزيل كل تلك الأحقاد والكراهية الموجودة في أعماقك وتعيده غريبًا كما كان من قبل.
أحد الأشياء التي تقتلنا عاطفيًا وعقليًا هي روح عدم التسامح، وحمل الضغينة تجاه الآخرين، لذا يجب أن تسامح وتغفر لكي تخفف من مشاعر الألم تجاه تجاربك السابقة المدفونة بعمق في كيانك الداخلي.
يجب عليك التحرر والإفراج عن كل المشاعر السلبية التي لديك مثل الخوف والشعور بالذنب والكراهية والغضب والشفقة على الذات؛ لأنها تبقيك في الأسر وتؤكد هويتك كضحية.
سامح واغفر لكل الذين جرحوك، التسامح لا يعني تبرير تصرفات الآخرين تجاهك؛ ولكنه عمل داخلي بحت يساعدك على التخلص من كل المشاعر السلبية والمؤلمة.

- لا تبحث عن القبول الاجتماعي ولا تبرر تصرفاتك من أجل إرضاء الناس ونيل اعجابهم. 

لا تبحث عن قيمتك في أعين الناس؛ لأنهم لا يرون ما تراه ولا تدع أحد يؤثر على طريقة تفكيرك ونظرتك للأمور من حولك، ولا تبرر تصرفاتك؛ لست مدينًا لأحد بتفسير ما تفعله مادمت مقتنعٌ به.
توقف عن محاولة إرضاء الناس وإقناعهم بمواقفك وقراراتك المختلفة؛ لأن محاولة إرضاء الجميع أحد الأمور السلبية التي تؤدي إلى الإحباط.

- أساليب ونصائح يمكن أن تساعدك على نسيان الماضي.

هناك مجموعة من الأساليب والنصائح التي يمكن أن تساعدك على نسيان تجارب الماضي المؤلمة سواءً كانت خسارة مادية أو فشل في علاقة عاطفية أو غيرها وهي:

- استمتع بحياتك فليس هناك شيء يستحق أن تحزن من أجله. 

أليس من المؤلم أن تقضي ما تبقى من عمرك وحيدًا تحصي وجوهًا أحبتك وأخرى أحببتها، وتسد نوافذك عن العالم، وتغلق ابوابك بوجه القادم، وتُحرق سنوات عمرك بسكين آلامك، وتبكي فوق أطلال حكايتك. وتموت بلا موت وتبكي بلا صوت، وترفض القلوب الصادقة وتفقد ثقتك بالآخرين لماذا كل هذا؟
أليس لأن أحدهم عجز أن يُبادلك مشاعرك وحبك العظيم تجاهه؟ أم لأنك فقدت شيئًا كنت متعلق ٌ به؟ أم لأن شخصًا تسبب لك بجرح يصعب عليك مُداواته؟ كل هذا سيكون بنظرك أمرٌ طبيعي في المستقبل، المسألة مسألة وقت فقط، وقوة تحمل، وحكمة وتفاؤل.

- لا تندم على ما قدمت لهم من جميل. 

لا تسخر من تضحياتك الصادقة معهم، ولا تندم على عطائك الغير محدود لهم وتصف نفسك بالغباء والسذاجة، وتلعن ايامك الجميلة معهم وتشوه جمالك بداخلك؛ لتصبح إنسانًا أكثر تشوهًا وواقعية منهم.

- افتح صفحة جديدة وابدأ حياتك. 

لا شيء يستحق أن تتألم أو تندم من أجله، وتختبئ خلف ذكرياتك المؤلمة، وتعيش تفاصيل مآسيك، وتنسى الفرح وتتذكر الأحزان وتردد في ظلمة الليالي ألحان اليأس والحزن وتزيد العتمة بقلبك وتملؤه خوفًا وتزيد جروحك نزيفًا.
إن الحياة درب كتب علينا أن نمشيه بكل تفاصيله، وبكل ما فيه. فلماذا الحزن والتعاسة؟ ولماذا الندم والألم؟ وما الذي يُجبرك على أن تتناسى إنسانيتك، وتخنق أصوات ألحانك، وتجمد أحاسيسك، وتحجر قلبك، وتجفف عذب دموعك، وأن تكبت لهفة دقات قلبك وتقف جامدًا كما التمثال، وأن تقتل لهفة إحساسك.
فقط لأنك أودعت تلك الأحاسيس في قلبٍ كالجليد جامد. دع أشجانك تشدو، و دع دموعك تحكي، ولتدع دقات قلبك تتكلم. أخبرهم بأنك رغم الجمود إنسان؛ إنسان عذب الشعور. أخبرهم بأنها إنسانيتك التي لن يستطيعوا تغييرها وستبقى نقية شفافة كجداول الأنهار، ورحيق الأزهار؛ مهما تعاظمت عليها الكروب، والأحزان، والآلام
فإن لم يستحقها إنسان؛ فهناك ربٌ سيجازيك عليها حتى وإن سعوا إلى اغتيالها ولم يبالي بعظمة خفقانها أحد، دعها واحتفظ بها؛ لأنها الدليل الوحيد على حياتك، لا تدعهم يغتالوها ويجعلوا منك شخص آخر تشبههم.

- أطلق صرخة التغيير من أعماق قلبك. 

لا تمارس تمثيلية التناسي الغبية على الآخرين؛ لكي تثبت لهم انك الأقوى والأقدر على النسيان؛ لأنها تجربة تجعلك مُتمسكًا بماضيك وبطيئة ومُملة من أجل اختراع النسيان. ولكن لا بأس تألم قليلًا عند الفراق، أو حتى كثيرًا. واطلق صرخة التغيير بصوت ٍ مُرتفع من أعماقك واجعل من هذه الصرخة صرخة ميلادٍ جديد، استقبل بها حياة أخرى؟ وحاول أن تُضيء النور في حياتك من جديد. 
مشاركة WhatsApp

المنشورات ذات الصلة