النضج العاطفي في علم النفس

علامات النضج العاطفي

علامات النضج العاطفي
النضج العاطفي

نحن جميعًا نتقدم في السن بمرور الوقت ولكن ليس كل من يتقدم بالسن يصبح أكثر نضجًا عاطفيًا، لأن النضج العاطفي لا ينشأ من التقدم في العمر بل يرتبط بالتطور الشخصي وخوض التجارب ومواجهة التحديات وبناء العلاقات أكثر مما يرتبط بالعمر أو بالحصول على المعلومات المتعلقة به. 

كما لا يكفي فقط مواجهة التحديات الصعبة والتغلب عليها. بل تحتاج أيضًا إلى ذكاء عاطفي ووقت كافِ للتفكير فيما واجهته، والتعلم منه، وتطبيقه في حياتك الخاصة.

في هذا المقال سنتحدث عن النضج العاطفي في علم النفس، وعن أهم علاماته، وعن الكيفية التي يمكنك من خلالها أن تصبح أكثر نضجًا وحكمة.

ما هو النضج العاطفي؟

النضج العاطفي هو قدرة الشخص على قبول ما يحدث في حياته بشكل إيجابي والتكيف معه والعمل على أفضل الخيارات المناسبة له وفق معايير حقيقية وصادقة ونزيهة.

النضج العاطفي مصطلح يُطلق على الأشخاص الذين لديهم ذكاء عاطفي مرتفع جدًا يمكنهم من فهم وإدارة عواطفهم، وفهم مشاعر الآخرين من حولهم. ويمتلكون مهارات اجتماعية تمكّنهم من قبول ما يحدث في حياتهم والعمل على تكييف سلوكياتهم مع البيئة المحيطة بهم، والتحكم في مشاعرهم من أجل تحقيق أهدافهم وطموحاتهم.

نحن جميعًا نواجه ونختبر تقلبات الحياة ولكننا لا نتعلم من الدروس التي يمكن أن تُعلمنا إياها تجاربنا في الحياة. 

الأشخاص الناضجون عاطفيًا لا يكتفون بالتعلم من تجاربهم فقط، بل يحاولون تطبيق معرفتهم بطريقة تجعل من أنفسهم وكل من حولهم يعيشون حياة أفضل. 

علامات النضج العاطفي.

الشخص الناضج عاطفيًا ليس لديه إحساس زائف بالذات، وذلك لأن لديه تفاؤل في قدرته على استخدام الجهد والصبر كوسيلة لإثبات اعتقاده بأنه مهيئ للتعامل مع أي شيء من الممكن أن يحدث.

أن تكون شخصًا ناضجًا عاطفيًا هذا يعني أنك قادر على فهم وإدارة عواطفك، وفهم مشاعر الآخرين من حولك، وتعيش في مرحلة من التقبل والهدوء النفسي والسلام الداخلي؛ بمعنى أنك تمضي في هدوء وسلام مع المتغيرات التي تحدث في حياتك وتتعامل معها بشكل إيجابي يسمح لك بالتكيف معها والعمل على أفضل الخيارات المناسبة لك، فيما يلي 6 من علامات النضج العاطفي وهي:

1- امتلاك الوعي الذاتي ومعرفة النفس وفهم الواقع المحيط. 

يُعتبر الوعي الذاتي أحد مبادئ الذكاء العاطفي وأكثر ما يسهم في النضج العاطفي عند إدارة العواطف والتعامل معها. 

من علامات النضج أيضًا القدرة على الابتعاد عن موقف يعتقد الجميع أنه الأفضل لك، ولكنك تعلم في قرارة نفسك أن الأمر ليس كذلك. هذه هي القدرة على معرفة نفسك والثقة في المسار الذي اخترته.

الشخص الناضج قادر على الحفاظ على وجهة نظره ومنظوره حتى عندما يكون تحت ضغط المجتمع أو الأصدقاء. هذا هو السبب في أن علامة النضج الرئيسية هي القدرة على مقاومة الضغط الذي يمارس عليك من قبل محيطك.

العقل الناضج لديه خططه الخاصة ويرفض الاستسلام - حتى لو بدت المواقف والفرص صفقة جيدة ومناسبة. 

قدرتك على السير في الجحيم للحصول على ما تريد بدلًا من السير في الطريق الأقل مقاومة هي السمة المميزة للنضج.

2- السيطرة العاطفية وعدم القلق بشأن ما يعتقده الآخرين. 

من علامات النضج السيطرة العاطفية والتحكم في ردود أفعالك تجاه ما يحدث لك، وعدم التأثر بما يعتقده الآخرين بشأنك. 

عندما تنضج، سوف تتوقف عن القلق بشأن ما يعتقده الآخرين تجاهك، سوف تركز فقط على نفسك، وهذا بدوره يساعدك على عدم الوقوع ضحية للضغوط الاجتماعية ومشاعر الفشل. 

من خلال السعي للسيطرة على الأفكار، يتحرر الشخص من أسر عواطفه، ويتمكن من العيش بطريقة تنسجم مع أهدافه وقيمه ومبادئه.

3- وضع حدود صحية.

وضع حدود صحية هو شكل من أشكال حب الذات واحترامها. بمعنى أنك تعرف كيف ومتى تضع حدودك الشخصية أمام الآخرين ولا تسمح لأحد بعبورها.

أن تكون ناضجًا عاطفيًا هذا يعني عدم السماح لأي شخص أيًا كان من الإساءة إليك أو تجاوز حدودك.

4- تقبل وجهات نظر الآخرين واختلافهم دون التقليل من احترامهم.

الشخص الناضج عاطفيًا يكون واعيًا بالتحيزات؛ لأن وعيه الفعال بما يحدث في داخله من تنميط وتحيز وتبني أفكار سابقة يُمكّنه من التعرف على تأثيرها في قراراته وأفعاله، وهذا بدوره يساعده على مواجهة وتعديل سلوكياته وردود أفعاله. 

لا يجب أن نعامل شخصًا ما على أنه شخص سيء لمجرد أنه ليس لديه نفس الرأي أو المسار الذي نحن عليه.

أحد علامات النضج العاطفي هي القدرة على فصل مشاعرك عن الطريقة التي تفكر بها. الأشخاص غير الناضجين غير قادرين على القيام بذلك. وهذا يرجع إلى حد كبير إلى نقص السيطرة العاطفية. 

عندما نفكر في التحكم العاطفي، فإننا عادة ما نفكر في كيفية تفاعلنا مع الآخرين، ولكن هذا ليس سوى جزء بسيط منه. حيث يرتبط هذا أيضًا بقدرتك على إدارة أفكارك بشكل فعال دون أن تؤثر عليك مشاعرك.

5- تحمل مسؤولية الأخطاء.

الشخص الناضج عاطفيًا يقر بخطأه ويتعامل معه بهدوء، ولا ينجرف إلى الدفاع أو إنكار المسؤولية، كما لا يشعر بالخجل، بل يتعامل بقدر كبير من التعاطف الذاتي والشجاعة.

العامل الأكبر في تطورك إلى شخص ناضج هو قدرتك على التعرف على الاختلاف، والتخطيط وفقًا لذلك، وعدم إلقاء اللوم على الآخرين أبدًا. هذا يعني أن تكون مسؤولًا عن كل ما يحدث في حياتك.

قد يكون هناك أشياء خارجة عن سيطرتك وإرادتك، ولكن إذا كنت تعيش بنضج ومسؤولية، ستجد أنه لا يزال بإمكانك وضع نفسك في وضع يسمح لك إما بالاستفادة من الخير أو حماية نفسك من الشر.

ممارسة هذا المستوى من الوعي يساعدك على صقل قدراتك على اتخاذ القرارات والسيطرة على مسارك في الحياة.

6- المرونة والقدرة على تقبل الحقائق القاسية عن الحياة.

الشخص الناضج عاطفيًا قادر على التفكير في الأمور ورسم خطة رئيسية وأخرى بديلة قابلة للتطبيق حسب الحاجة حتى يتمكن من التعامل مع نتائج الموقف المحتملة، وهذا بدوره يساعده على التقدم أكثر بحيث لا يدع المعوقات الصعبة أو النتائج السلبية تقف عائقًا في طريقه نحو تحقيق ما يريد.

عندما تصبح شخصًا ناضجًا، لم يعد بإمكانك الاعتقاد بأن العالم جميل وكله شمسًا مشرقة وأقواس قزح؛ لأن الحقائق القاسية والضربات القوية التي توجهها الحياة كثيرة ومختلفة، ولكن بالرغم من كل ذلك فإن الأمر لا يتعلق بقوة الضربات أبدًا، وإنما يتعلق بمدى قدرتك على تلقي تلك الضربات ومواصلة التقدم في الوقت نفسه، الأمر يتعلق بعدد الصدمات التي يمكنك تلقيها دون أن تتوقف عن مواصلة التقدم للأمام نحو ما تريد، بهذه الطريقة يصنع المرء النصر ويحقق النجاح ويكتسب الخبرة ويصبح أكثر نضجًا وحكمة.

مشاركة WhatsApp

المنشورات ذات الصلة