تحسين مفهوم الذات وتنمية الوعي الذاتي

مفهوم الذات السلبي
تحسين مفهوم الذات

يشير مفهوم الذات إلى المعتقدات والآراء والمواقف التي يعتقد كل شخص أنها صحيحة بشأن ذاته، حيث يتشكل مفهوم الذات لدينا من خلال إدراكنا لكل ما لدينا من مميزات فريدة، وكفاءات ذاتية، وخبرات وتجارب والتي من خلالها تتشكل معتقداتنا حول أنفسنا؛ ولكن معظم هذه المعتقدات الموجودة في العقل الباطن يتم اكتسابها تحت تأثير العديد من القوى الداخلية والخارجية والتي تؤثر بشكل مباشر على مفهوم الذات مما قد تؤدي إلى تشكيل مفهوم ذاتي سلبي وغير حقيقي عن أنفسنا.

في هذا المقال سنتحدث عن مفهوم الذات السلبي، وعن الكيفية التي يمكنك من خلالها تحسين مفهوم الذات وتنمية الوعي الذاتي لديك.

تحسين مفهوم الذات.

يشير مفهوم الذات السلبي والغير صحي إلى أن لديك قيمة منخفضة عن نفسك. وعندما يكون لدينا قيمة منخفضة لأنفسنا، فإننا عادة ما نفتقر إلى الثقة اللازمة للتحرك بجرأة في اتجاه أهدافنا.

بدون الثقة بالنفس، فإننا نفتقر إلى الحيلة اللازمة للتغلب على حالات عدم اليقين، وحل المشاكل، وإدارة التغيير بشكل فعال.

إن مفهومك غير الصحي لذاتك يمنعك من استغلال الإمكانيات والفرص المتاحة لديك، كما يمنعك أيضًا من معرفة وإدراك ذاتك الحقيقية ويخلق لديك ذات مزيفة وغير حقيقية. 

ما هو أكثر من ذلك، هو أن مفهوم الذات السلبي يجعلك عالق في حياتك الخاصة، بحيث يصعب عليك تحديد ما إذا كنت تكافح بالفعل مع مفهوم ذات سلبي وضعيف أم لا. 

إذا كنت لا تعرف شيئًا حول مفهوم الذات وأهميته فأنصحك بقراءة مقال (مكونات مفهوم الذات وأهميته ) قبل مواصلة القراءة هنا.

خطوات تحسين مفهوم الذات. 

تعتبر عملية تحسين مفهوم الذات السلبي والغير صحي واحدة من أبرز العوامل التي تساعد الشخص على إدراك ذاته الحقيقية.

فيما يلي العديد من الاقتراحات والإرشادات لمساعدتك على تغيير مفهومك لذاتك. بعض هذه الاقتراحات سهلة الفهم وسريعة التنفيذ، والبعض الآخر منها قد يستغرق منك بعض الوقت.

ومع ذلك، فإن المهم هنا هو ما تركز عليه أثناء إجراء هذه التغييرات. تنحصر هذه العملية في ثلاثة أشياء أساسية وهي:

  • تغيير طريقة تفكيرك.
  • تغيير حديثك الذاتي.
  • تغيير أنظمة معتقداتك التي تتحكم في سلوكك اللاواعي.

بغض النظر عن كيفية تقدمك، فإن كل تغيير معين ترغب في إجرائه يعود إلى هذه الأشياء الأساسية الثلاثة فقط.

لذلك، بغض النظر عن الأفكار التي تقرر تنفيذها، تأكد من أن تضع في اعتبارك دائمًا الكيفية التي يمكنك من خلالها إجراء هذه التغييرات. 

فيما يلي 7 طرق ستمكنك من إجراء التغييرات اللازمة لتحسين وتغيير مفهوم الذات السلبي لديك وهي:

1- حول عالمك الداخلي.

هدفك الأول هو أن تنظر إلى الداخل وأن تصبح مدركًا تمامًا لأفكارك اليومية، وحديثك الذاتي، وأنظمة المعتقدات، والقواعد النفسية، والأسئلة والاستفسارات التي تميل إلى طرحها على نفسك من وقت لآخر. 

الإجابة على الاسئلة التالية سوف تساعدك كثيرًا في إدراك عالمك الداخلي:

  • هل أفكارك تتماشى مع صورتك الذاتية؟
  • ما نوع الأفكار التي تراودك من وقت لآخر وهل تؤثر أفكارك على مشاعرك؟
  • ماذا عن حديثك الذاتي مع نفسك أيجابي أم سلبي؟
  • ما هي عواقب حديثك الذاتي والأسئلة التي تطرحها على نفسك؟
  • ما الذي تميل إلى تصديقه والإيمان به عن نفسك وقدراتك؟
  • هل هذا يتوافق مع مثالك الذاتي الذي تريد أن تكون عليه مستقبلًا؟ 
  • ماذا عن القواعد التي تتحكم في قراراتك اليومية؟
  • كيف تؤثر هذه القواعد على تعهداتك والتزاماتك اليومية؟
  • كيف يمكنك إجراء التعديلات اللازمة لمطابقة صورتك الذاتية مع ذاتك المثالية التي ترغب في أن تكون عليها؟

الهدف من هذه الأسئلة هو الوصول إلى تحقيق التطابق في هذه المجالات. قد لا تتماشى صورتك الذاتية بشكل مباشر مع مثلك الذاتي، ولكن يمكنك بالتأكيد إجراء التعديلات اللازمة على طريقة تفكيرك للتحرك في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق ذاتك المثالية.

لمساعدتك في عملية الانتقال هذه، من الضروري أن تمنح نفسك وقتًا لممارسة التأمل والتخيل حول ذاتك المثالية وحياتك المستقبلية.

سوف يساعد التأمل على التخلص من الفوضى الموجودة في عقلك، ويشجعك على التفكير والتصرف بمزيد من اليقظة الذهنية طوال اليوم. سيؤدي ذلك لاحقًا إلى تحسين قدرتك على اتخاذ قرارات سليمة وفعالة.

من ناحية أخرى، يمكن أن يوفر لك الخيال والتصور الرؤية اللازمة التي تحتاجها لفهم مسار حياتك واتجاهك المستقبلي بشكل أفضل. كما سيساعدك أيضًا على تحديد مسار أوضح بكثير نحو النتائج المرجوة التي تريد تحقيقها.

2- تذكر جيدًا بأن طريقة تفكيرك في الأشياء لها علاقة كبيرة في إدراكك وتفسيراتك للواقع.

ليست أحداث الحياة من تشكل حياتك، ولكن طريقة تفكيرك ومعتقداتك الأساسية بشأن ما تعنيه تلك الأحداث هي من تقوم بذلك. 

على سبيل المثال، يمكن أن يمنحك تفسير الأشياء بطريقة واحدة الوصول إلى مجموعة معينة من الموارد والفرص. ومع ذلك، فإن تفسير الأشياء بطريقة أخرى سيوفر لك الوصول إلى مجموعة مختلفة من الموارد والفرص. ومن المفارقات أنه قد يمنعك من الوصول إلى تلك الفرص والموارد تمامًا.

لذا من المهم جدًا أن تضع في اعتبارك أن كيفية تأطير أو إعادة صياغة تجاربك تحدد بشكل أساسي ما تكسبه أو تخسره من تلك التجارب.

لذلك، عندما تظهر أمامك المشاكل، فإن هذا لا يؤثر على ما يحدث لك، ولكن كيف تفسر ما يحدث هو الذي يصنع الفارق.

3- اعمل على تحسين خيارات أسلوب حياتك. 

عندما يتعلق الأمر بنمط حياتك، فأنت بحاجة إلى البدء في اتخاذ بعض الخيارات التي من الممكن أن تساعدك على التحرك نحو نفسك المثالية. اسأل نفسك: 

  • ما نوع الحياة التي تريد أن تعيشها ذاتك المثالية؟
  • كيف يمكنك البدء في سد الفجوة بين نمط الحياة الذي أنت عليه اليوم وبين نمط الحياة الذي تريد أن تكون عليه ذاتك المثالية؟

عند استعراضك لهذه الأسئلة، سوف تحصل على إحساس قوي بالتغييرات التي قد تحتاج إلى إجرائها لسد الفجوة بين ذاتك الحالية وذاتك المثالية.

قبل كل شيء، استمر في تذكير نفسك بأن الأمر كله يتعلق بالوصول إلى حالة من التطابق حيث تتطابق صورتك الحالية (الصورة الذاتية) مع ذاتك المستقبلية (المثالية الذاتية) على أكبر عدد ممكن من المستويات.

4- عزز ثقتك بنفسك.

عندما يكون لديك مفهوم سلبي عن الذات، فإنك عادةً ستعاني من ضعف ثقتك بنفسك.

عندما تشعر بضعف الثقة في النفس، فإنك غالبًا ما ستكون عرضة للوقوع فريسة للرفض والنقد والتأثر بآراء الآخرين. ومن أجل تعزيز ثقتك بنفسك، أنت بحاجة إلى التقبل الكامل للذات. 

قبل أن تشعر بالثقة في العالم الخارجي، يجب عليك أولًا أن تجد الثقة في نفسك، وذلك من خلال حب الذات والتقبل الكامل لها. حب الذات يعني قبول نفسك تمامًا بالرغم من عيوبك، ونقاط ضعفك، والجوانب المظلمة التي لديك.

التقبل العميق والكامل للذات يثمر الثقة ويحدث تحول عميق بداخلك يقودك نحو ثقة حقيقية بنفسك. هذا يعني الشعور بالراحة تجاه ما أنت عليه بغض النظر عن المكانة التي أنت فيها، أو الشكل الذي تبدو عليه.

لتجد حبك لذاتك، اقضِ بعض الوقت مع نفسك. لا تكتفي بقضاء وحيدًا، حاول أن تقضي بعض الوقت في الترفيه عن نفسك. اذهب إلى التنزه في الأماكن التي تُشعرك بالراحة، مارس المشي على الأقدام في الطبيعة، وغيرها من الأمور التى تولد لديك الشعور بالبهجة والسعادة.

قضاء بعض الوقت مع نفسك سيمكنك من إعادة الاتصال بنفسك. عندما تجد هذا الارتباط مع نفسك، ستستفيد من إحساسك الحقيقي بالثقة.

5- اكتسب المعرفة والمهارات التي ترغب بأن تكون عليها ذاتك المثالية. 

تتمتع ذاتك المثالية بمهارات وقدرات معينة. حدد ماهية تلك الأشياء ثم حاول أن تبدأ العمل على اكتساب تلك المعرفة والمهارات التي تحتاجها لمساعدتك في سد الفجوة بين صورتك الذاتية التي أنت عليها الآن والمثالية الذاتية التي تريد أن تكون عليها في المستقبل.

6- اعمل على بناء علاقات قوية وعميقة مع من هم حولك بهدف بناء شبكة الدعم الخاصة بك.

أثناء عملك على تطوير معرفتك ومهاراتك، ستحتاج بكل تأكيد إلى الدعم طوال رحلتك نحو المثالية الذاتية.

ستحتاج إلى أشخاص لمساعدتك في مواجهة الصراعات والمواقف الصعبة. سوف تحتاج إلى أشخاص يمكنك الاعتماد عليهم للحصول على الدعم العاطفي. 

يجب أن يتقبلك هؤلاء الأشخاص دون قيد أو شرط. كما يجب أن يكون هؤلاء الأشخاص إيجابيين وملهميين ومهتمين، ويتمتعون بروح العاطفة والعطاء والتضحية ولديهم نفوس مرحة وسعيدة. هذه هي أهم الصفات التي يجب أن تتوفر في الأشخاص الذين تشكل علاقاتك معهم.

ولكن ما يجب عليك أن تنتبه له هنا هو السيطرة التامة على حياتك بطريقتك الفريدة.

هؤلاء الأشخاص موجودون لدعمك، ولكن في النهاية يجب أن تكون أنت الوحيد الذي يتخذ القرار النهائي الذي يحدد مسارك في الحياة.

إياك أن تتخلى عن السيطرة على حياتك من خلال وضع مصيرك في أيدي الآخرين. هذا لن ينجح أبدًا على المدى الطويل. يجب أن تكون مسؤولًا عن اختياراتك وقراراتك.

أن تكون مسؤولًا لا يعني أن تهتم بما يعتقده الآخرون. وهذا يعني عدم القلق بشأن النقد أو الرفض. وهذا يعني أيضًا عدم مقارنة نفسك بالآخرين.

7- ضع أهدافًا مُلهمة تلبي شغفك وتتناسب مع مثلك الذاتي.

وجود أهداف مُلهمة يعني أن حياتك لها هدف ومعنى. وهذا يولد لديك الدافع النفسي ويبقيك متحمسًا ونشطًا ومركزًا وأنت تحرز تقدمًا نحو ذاتك المثالية.

عند تحديد أهدافك لا تحدد أهداف عشوائية، يجب عليك أن تحدد أهداف تتناسب مع مهاراتك وقدراتك وإمكانياتك ومع مثلك الذاتي.

حدد بعض الأهداف المُلهمة، ثم اعمل على وضع خطة عمل من شأنها أن تساعدك على سد الفجوة بين ما أنت عليه اليوم والمكان الذي ترغب في أن تكون فيه بشكل مثالي في المستقبل.

- أخيرًا… 
لا شك أن بناء مفهوم ذاتي سليم وقوي يتطلب بعض العمل وبذل المزيد من الجهد، وقد يستغرق ذلك منك وقتًا طويلًا، لأن بناء مفهوم ذاتي إيجابي وسليم ليس شيئًا يمكنك بناؤه، أو تحويله بين عشية وضحاها. فهو ليس شيئًا يمكنك أن تعمل على بناؤه مرة واحدة ثم تنساه لبقية حياتك.
تحويل مفهومك الذاتي من السلبي إلى الإيجابي هو شيء تحتاج إلى العمل عليه طوال الوقت. إنه شيء يجب أن يتغير ويتطور باستمرار بحيث يمكنك من الوصول إلى معالم جديدة على طول رحلة حياتك.


لا تعتقد بأن هذه الرحلة ستكون صعبة، هي سهلة ولكنها تحتاج إلى الالتزام والاستمرارية، حيث يمكنك وضع أهداف يومية صغيرة، على مدار أسابيع وشهور وسنوات عديدة، بعدها سوف تحرز تقدمًا ملحوظًا وأنت تنحت ذاتك المثالية التي تريد أن تكون عليها.

مشاركة WhatsApp

المنشورات ذات الصلة