الوعي الذاتي في علم النفس

كيف تنمي الوعي الذاتي لديك
الوعي الذاتي

يُعتبر الوعي الذاتي واحد من أبرز العوامل المهمة التي تساعد الشخص في الوصول إلى مستويات عالية من الرضا، والإدراك، والفهم، وإدارة المشاعر الإيجابية والسلبية، ومضاعفة القدرات، وتحقيق المزيد من النجاحات. 

في هذا المقال، سنتحدث عن مفهوم الوعي الذاتي في علم النفس، وكيف يمكن اكتسابه؟ وماهي طرق تنميته وتطويره؟

مفهوم الوعي الذاتي

هناك العديد من التعريفات المختلفة التي استخدمها الباحثون لتعريف الوعي الذاتي، حيث يرى البعض أن الوعي الذاتي هو القدرة على مراقبة عالمنا الداخلي، بينما يصفه آخرون على أنه الفرق بين الكيفية التي نرى بها أنفسنا، والكيفية التي يرانا بها الآخرون. كما لا يزال البعض يعرفه بأنه حالة مؤقتة من الوعي بالذات. 

من خلال التعريفات السابقة نجد أن التعريف الشامل للوعي الذاتي في علم النفس هو قدرة الشخص وتمكنه من معرفة ذاته وفهم شخصيته ومشاعره ودوافعه ورغباته، وإدراكُه لقدراته ومواهبه ونقاط القوة والضعف التي لديه، وتمكنه من إدارة مشاعره وتقييم نفسه بموضوعية ومقارنة سلوكياته الحالية مع قيمه ومعاييره الداخلية.

لذا فإن الوعي الذاتي ينقسم إلى فئتين داخلي وخارجي، وذلك حسب بحث أجرته الباحثة تاشا يوريتش وفريقها حيث توصلوا من خلاله إلى أن هناك فئتين من الوعي الذاتي هما: الوعي الذاتي الداخلي، والوعي الذاتي الخارجي.

حيث يُمثل الوعي الذاتي الداخلي مدى وضوح رؤيتك لقيمك، ومشاعرك، وأفكارك، وسلوكياتك ونقاط القوة والضعف لديك، وردود أفعالك، وتطلعاتك وملاءمتها لمحيطك، ومدى تأثيرك على الآخرين. 

كما أن الوعي الذاتي الخارجي يُمثل قدرتك على إدراك العالم الخارجي والتفاعل مع البيئة المحيطة بوعي، وفهم كيفية نظر الآخرين إليك.

أهمية الوعي الذاتي وفوائده

تكمن أهمية الوعي الذاتي في أنه يساعدك على فهم شخصيتك وإدراك عالمك الداخلي والخارجي من خلال البحث في أعماق نفسك بهدف الوصول للأشياء التي تبعث فيك السعادة والرضا، واكتشاف الأشياء التي تؤذيك، ومعرفة ما يتلاءم معك ويضعك أمام السعادة التي تبحث عنها. فيما يلي أهم فوائد الوعي الذاتي:

  • يولد لديك الشعور بمعنى الحياة ويمكنك من تحقيق السعادة؛ وذلك نتيجة لتوافق أفعالك وسلوكياتك مع مبادئك وقيمك. 
  • يمكنك من فهم نفسك وإدارة مشاعرك وتعزيز الذكاء العاطفي لديك، كما يساعدك على اكتشاف نقاط القوة والضعف لديك؛ مما يسهل عليك التخلص من نقاط ضعفك، والتركيز أكثر على نقاط قوتك والعمل على تطويرها.
  • يساعدك على بناء صورة ذاتية صحية وسليمة عن نفسك وعن ما يحيط بك. 
  • يمكنك من تحديد أهداف مناسبة تلبي شغفك وتشعرك بالمتعة والسعادة، وتتناسب مع قدراتك، ومواهبك.
  • يمكنك من اتخاذ قرارات صحيحة وسليمة في الوقت المناسب. 
  • يساعدك في زيادة قوة الحدس، والتوقع، وامتلاك نظرة مستقبلية لنتائج القرارات التي تتخذها، كما يمكنك من تدارك الأخطاء وتجاوزها. 
  • يمكنك من إدراك العالم الخارجي المحيط بك، والتفاعل معه بوعي. 
  • يولد لديك التحفيز والدافع النفسي وذلك من خلال البحث عن الشغف الحقيقي.

كيف تنمي الوعي الذاتي لديك؟

إن كثيرًا من إمكانياتنا هي عبارة عن قابليات عقلية ونفسية؛ فمن خلال التربية، ونظم التعليم، والبيئة المحيطة يتم تنمّية تلك القابليات، وتحويلها إلي خصائص وسمات ثابتة، أو قتلها في مهدها، لذا فإن من المهم جدًا عندما تكتشف ذاتك، وتبلور طموحاتك، وتبني وعيك الذاتي ألا تخضع لما يتداوله الناس من أفكار، ومعتقدات ومقولات ليس هناك أي ضمانة لصحتها، بل ينبغي عليك أن تكتشف نفسك من خلال المبادئ والقيم التي تؤمن بها، ومن خلال القواعد العلمية والمعارف الصحيحة التي يعترف بها العلم فقط.

هناك العديد من الطرق لبناء الوعي الذاتي وممارسته، ولكن هذه أهم الطرق وأكثرها فاعلية وهي:

1. ممارسة اليقظة والتأمل

اليقظة والتأمل
اليقظة والتأمل

يمكنك ممارسة اليقظة من خلال عيش اللحظة والتواجد في الوقت الحالي ومراقبة عالمك الداخلي والخارجي والانتباه إلى نفسك ومحيطك بدلًا من الضياع في التفكير أو اجترار الأفكار وأحلام اليقظة.

كما يمكنك ممارسة التأمل من خلال تركيز انتباهك على شيء واحد - مثل أنفاسك أو دقات قلبك - حيث يساعدك التأمل على التجرد من أفكارك وتركها تنجرف بدلًا من التمسك بها.

ممارسة اليقظة والتأمل تساعدك على أن تصبح أكثر وعيًا بحالتك الداخلية وردود أفعالك تجاه ما يحدث. كما يمكنهم أيضًا مساعدتك في تحديد أفكارك ومشاعرك والتجرد منها والابتعاد عن الانغماس فيها، وتجعلك تعيش دور المشاهد أو المراقب.

2. كن مدركًا للمخاوف والمعتقدات والقناعات الذهنية الموجودة في عقلك الباطن ومدى تأثيرها على سلوكياتك

كن مُدركًا للفرق بين حدسك الذي يرشدك للصواب وبين ما هو موجود في عقلك الباطن (اللاوعي) من مشاعر مكبوتة، وصدمات نفسية، ومعتقدات خاطئة ومخاوف وهمية تُضلك وتتحكم في مسار حياتك.

3. خصص وقتًا للتفكير وتقييم سلوكياتك وفقًا لمعاييرك الداخلية

جلوسك مع نفسك وتخصيص وقت للتفكير يمكن أن يساعدك على مراجعة أفكارك ومشاعرك وسلوكياتك لمعرفة أين استوفيت معاييرك، وأين فشلت، وكيف يمكنك تحسينها.

كما يمكنك أيضًا إعادة التفكير في القيم والمعايير الداخلية التي وضعتها لنفسك ومعرفة ما إذا كانت مناسبة وغير مبالغة فيها بالنسبة لك لتلتزم بها، أم يجب عليك تغييرها.

4. كتابة يومياتك وتحديد أولوياتك وأهدافك

كتابة يومياتك وتحديد أولوياتك تساعدك في توضيح واستعرض أفكارك ومشاعرك، وتحديد أهدافك، واكتشاف ما تريد وما تقدره وما يناسبك. 

كما يمكن أن تساعدك أيضًا في معرفة ما لا تريده، وما هو غير مهم بالنسبة لك. كلاهما لا يقل أهمية عن التعلم. مهما كان ما تريده؛ فإن تدوين أفكارك ومشاعرك يساعدك على أن تصبح أكثر وعيًا وفهمًا لنفسك.

5. استمع لوجهات نظر الآخرين فيك

من الضروري أن نشعر أننا نعرف أنفسنا جيدًا من الداخل، ولكن التعليقات الخارجية التي تأتي من الأشخاص المحيطين بك قد تساعدك أيضًا. اسأل أصدقائك المقربين عن رأيهم فيك. اجعلهم يصفونك وانظر ما هي الصفات الحقيقية التي لديك وما الذي يفاجئك.

فكر مليًا في ما يقولونه، ولكن لا تأخذ رأي كل شخص على أنه وجهة نظر صحيحة أو حقيقة مطلقة، كما يجب عليك مراعاة نوع العلاقة التي تجمعك بهم، وما هي مشاعرهم تجاهك.

كذلك أنت بحاجة إلى التحدث إلى مجموعة متنوعة من الأشخاص لكي تتمكن من الحصول على وجهة نظر صحيحة وشاملة عن نفسك.

ولكن مهما كانت النتيجة التي ستحصل عليها من تقييم الآخرين لك وما هي نظرتهم تجاهك، تذكر أن أفكارك ومعتقداتك ومشاعرك والصورة الذهنية التي رسمتها عن نفسك هي من تتحكم في مسارك وتحدد مدى نجاحك في الحياة!

_________
- المصادر/ hbrpositivepsychology
مشاركة WhatsApp

المنشورات ذات الصلة